عن
ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول صلى الله عليه وسلم قال إن الله تجاوز لي
عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه حديث حسن رواه ابن ماجه
والبيهقي وغيرهما
هذا الحديث خرجه ابن ماجه من طريق الأوزاعي عن عطاء عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وخرجه ابن حبان في صحيحه والدارقطني
وعندهما عن الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير عن ابن عباس عن النبي صلى
الله عليه وسلم وهذا إسناد صحيح في ظاهر الأمرو رواته كلهم محتج بهم في
الصحيحين وقد خرجه الحاكم وقال صحيح على شرطهما كذا قال ولكن له علة وقد
أنكره الإمام أحمد جدًا وقال ليس يروى فيه إلا عن الحسن عن النبي صلى الله
عليه وسلم مرسلًا وقيل لأحمد أن الوليد بن مسلم روي عن مالك عن نافع عن ابن
عمر مثله فأنكره أيضًا وذكر لابن أبي حاتم الرازي حديث الأوزاعي، وحديث
مالك وقيل له إن الوليد روى أيضًا عن ابن لهيعة عن موسي بن وردان عن عقبة
بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله فقال أبو حاتم هذه أحاديث
منكرةكأنها موضوعة وقال لم يسمع الأوزاعي هذا الحديث عن عطاء وإنما سمعه من
رجل لم يسمه توهم أنه عبدالله بن عامر أو إسماعيل بن مسلم قال ولا يصح هذا
الحديث ولا يثبت إسناده قلت وقد روي عن الأوزاعي عن عطاء عن عبيد بن عمير
مرسلًا من غير ذكر ابن عباس وروى يحيى بن سليم عن ابن جريج قال بلغني أن
رسول الله صلى عليه وآله وسلم قال إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان
ومااستكرهوا عليه خرجه الجوزجاني وهذا بالمرسل أشبه وقد ورد من وجه آخر عن
ابن عباس مرفوعًا رواه مسلم ابن خالد الزنجي عن ابن عباس قال قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى تجوز لأمتي عن ثلاث الخطأ والنسيان وما
استكرهوا عليه خرجه الجوزجاني وسعيد العلاف وهو سعيد بن أبي صالح قال أحمد
وهو مكي قيل له كيف حاله قال لا أدري وما علمت أحدًا روى عنه غير مسلم بن
خالد قال أحمد وليس هذا مرفوعًا إنما هو عن ابن عباس قوله نقل ذلك عنه مهنا
ومسلم بن خالد ضعفوه وروى من وجه ثالث من رواية بقية بن الوليد عن على
الهمداني عن أبي حمزة عن ابن عباس مرفوعًا خرجه حرب ورواية بقية عن مشايخه
المجاهيل لا تساوي شيئًا وروى من وجه رابع خرجه ابن عدي من طريق عبد الرحيم
بن زيد الأعمي عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه وسلم وعبد الرحيم هذا ضعيف وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من
وجوه أخر وقد تقدم أن الوليد بن مسلم رواه عن مالك عن نافع عن ابن عمر
مرفوعًا وصححه الحاكم وغربه وهو عند حذاق الحفاظ باطل على مالك كما أنكره
الإمام أحمد وأبو حاتم وكانا يقولان عن الوليد إنه كثير الخطأ ونقل أبو
عبيد الآجري عن أبي داود قال روى الوليد بن مسلم عن مالك عشرة أحاديث ليس
لها أصل منها عن نافع أربعة قلت والظاهر أن منها هذا الحديث والله أعلم.
وخرجه
الجوزجاني من رواية يزيد بن ربيعة سمعت أبا الأشعث يحدث عن ثوبان عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال إن الله تجاوز عن أمتي عن ثلاث الخطأ والنسيان وما
أكرهوا عليه ويزيد بن ربيعة ضعيف جدًا.
وخرج ابو حاتم من رواية أبي
بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث عن الخطأ والنسيان والاستكراه قال أبو بكر
فذكرت ذلك للحسن فقال أجل أما تقرأ بذلك قرآنا ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا البقرة وأبو بكر الهذلي متروك الحديث وخرجه ابن ماجه ولكن عنده عن
شهر عن أبي ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تبارك
وتعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكر هوا عليه ولم يذكر كلام
الحسن وأما الحديث المرسل عن الحسن فرواه عنه هشام بن حبان ورواه منصور
وعوف عن الحسن من قوله لم يرفعه ورواه جعفر بن حبيش بن الحسن عن أبيه عن
الحسن عن أبي بكرة مرفوعًا وجعفر وأبوه ضعيفان قال محمد بن نصر المروزي ليس
لهذا الحديث إسناد يحتج به حكاه البيهقي وفي صحيح مسلم عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس قال لما نزل قوله تعالى {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن
نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} البقرة قال الله تعالى قد فعلت وعن العلاء
عن أبيه عن أبي هريرة أنها لما نزلت قال نعم وليس واحد منهما مصرحًا
برفعه.
وخرج الدارقطني من رواية ابن جريج عن عطاء عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها وما
أكرهوا عليه إلا أن يتكلموا به أو يعملوا وهو لفظ غريب.
وقد خرجه
النسائي ولم يذكر الإكراه وكذا رواه ابن عيينة عن مسعر عن قتادة عن زرارة
بن أوفي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد فيه وما استكرهوا
عليه خرجه ابن ماجه وقد أنكرت هذه الزيادات على ابن عيينة ولم يتابعه عليها
أحد والحديث مخرج من رواية أبي قتادة في الصحيحين والسنن والأسانيد بدونها
ولنرجع إلى شرح حديث ابن عباس المرفوع.
فقوله إن الله تجاوز لي عن
أمتي الخطأ والنسيان إلى آخره تقديره إن الله رفع لي عن أمتي الخطأ أو ترك
ذلك عنهم فإن تجاوز لا يتعدي بنفسه، وقوله الخطأ والنسيان وما استكرهوا
عليه فأما الخطأ والنسيان فقد صرح القرآن بالتجاوز عنهما قال الله تعالى
{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} البقرة
وقال تعالى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ
وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} الأحزاب.
وفي الصحيحين عن
عمرو بن العاص سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا حكم الحاكم ثم اجتهد
فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وحكم فأخطأ فله أجر